samedi 8 mars 2014

موقف الطبيبة

طبيبة أميرة بوراوي... امرأة هزت العرش الهش PDF طباعة إرسال إلى صديق
الجمعة, 07 مارس 2014 19:29


قدري هو الذي أراد لي أن أكون أول إنسان مستقيم، وأن أعي نفسي كنقيض لأكاذيب الآلاف من السنين. فريدريك نيتشه
بعد ساعات قليلة من إعلان المترشح عبد العزيز بوتفليقة، نيته الترشح لرئاسيات أفريل الداخل، على لسان الوزير الأول عبد المالك سلال، خرج بمنطقة بوزريعة بالعاصمة، مجموعة من الأشخاص للتظاهر رفضا لهذه الخطوة التي حيرت المجتمع لأشهر
طويلة وأصبح سؤال “واش فيها” يشبه الأسئلة الحيوية لليوميات الجزائرية، وكانت الإجابة عليه صادمة للكثيرين، لكن هؤلاء اختاروا الشارع، لم يكونوا كثرا، ثلاثة أو أربعة أشخاص، لكن الكاميرات التقطت وجها أنثويا من بينهم، بقميص أبيض مكتوب عليه “لا للعهدة الرابعة”، سروال جينز أزرق، عيون حادة تحمل الكثير من القهر والغضب، ولافتة مكتوب عليها “لا لعهدة العار”... وجه لم نعهده من قبل، وكان التساؤل المنطقي الذي يتبادر إلى ذهن كل واحد منا، هل هي نقابية؟ الإجابة لا، فرحنا نشرع باب الاحتمالات أكثر حتى وصلنا إلى الاحتمال الذي خرج منذ زمن من حسابات الجزائريين، هل هي معارضة سياسية؟ وكانت الإجابة أيضاً لا، من هي إذا، فاقتربنا إلى الاحتمال الأكثر ندرة وغربة عنا، أيعقل أن تكون مواطنة عادية؟!

نعم، إنها المواطنة الدكتورة أميرة بوراوي، التي قالت لـ”الجزائر نيوز” “أنا مجرد مواطنة جزائرية، لا أعمل لصالح أية جهة سياسية، ظاهرة أو خفية” غير إيمانها كما أضافت بـ “جزائر حرة وديمقراطية”، هي طبية نساء وتوليد، متزوجة وأم لطفلين، والدها طبيب عسكري متقاعد من القطاع منذ 20 سنة، والدتها -ليست البيولوجية- حسب رسالة وجهتها لشقيقة الرئيس بوتفليقة هي الجزائر “أبلغت شقيقة الرئيس بوتفليقة أنني لست ضد أخيها كشخص، وأنّ أمنّا واحدة وهي الجزائر، وهذه الأم تعيش حالة غير مستقرة، وبترشح الرئيس لعهدة رابعة يعني عدم استقرار الجزائر”... عادة من يقول مثل هذا الكلام بعد أزمة التسعينيات التي عاشها المجتمع، يتحول إلى محط للسخرية والاستهزاء، لأنه أصبح ضربا من الجنون أن يقف فرد ليطالب بمصلحة جماعية بعد الصدمة القوية التي خلفتها سنوات الإرهاب في الوجدان الجزائري، وأغلقت كل الأبواب التي عهدناها “مشرعة” في طفولتنا، ولم تعد هناك أحلام مشتركة، كل ما هنالك هو تنامي النفاق الاجتماعي والعنف اللذين كانا يبدوان ردة فعل طبيعية من مجتمع أصبح في كل بيت فيه يوجد ضحية إرهاب بشكل من الأشكال، فانكمش كل واحد منا إلى زاويته معتقدا أنه يحمي نفسه ويؤسس لمستقبل آمن دون أن ندرك أننا بذلك نغلق الأفق الحقيقي أمام المستقبل، وأننا بتلك الأنانية والفردانية المرضية تنازلنا عن غد أفضل لصالح شقة وسيارة و...، فخسرنا وطنا.

هكذا انطلقت.. وهكذا بكيت

عندما سألت الدكتورة أميرة بوراوي -التي كبرت بالحي الشعبي باب الوادي بالعاصمة بكل ما له من عمق وخصوصية اجتماعية وتاريخية تجعلك تفهم جانبا من شخصيتها الثائرة- ما هي أكثر 5 تواريخ ملهمة أو مهمة وفارقة في حياتها، قالت إن الأول هو التاريخ الذي حصلت فيه على البكالوريا بثانوية الأمير عبد القادر بباب الوادي، والثاني هو تاريخ تحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة، الثالث والرابع -كما قالت- تواريخ ميلاد طفليها على التوالي، أما التاريخ الخامس - توقعت أن تقول لي إنه كان يوم خروجها إلى الشارع للتظاهر- لكنها قالت: “أعتقد أنني من بين كل التواريخ التي مرت في حياتي سأذكر يوم اغتصب الدستور الجزائري سنة 2008 في ذلك اليوم كتب وجع وسرقة أحلامنا في دولة القانون والحريات”؟
أمام هذا الجواب، سألت نفسي ما الذي ينقص طبيبة متخصصة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة التي استطاعت أن تقاوم كل العواصف التي عرفتها الجزائر في العقود الثلاثة الماضية متحصنة بخيار تعليم الأبناء والاستثمار في الخيارات الفكرية للاستمرار بثبات، وعندما توجهت بالسؤال للدكتورة بوراوي قالت “بلدنا بحاجة إلى تغيير جذري نحو الأحسن، نحن بحاجة إلى مزيد من الحريات إذا كنا نحلم فعلا ببلد ديمقراطي، وترشح بوتفليقة لعهدة رابعة يعني الاستمرار في التأخر الذي تشهده البلاد”. نعم هذا ما قالته بالحرف، مازال هناك من يناضل لصالح جزائر أفضل، مازال هناك من يحلم ببلد ديمقراطي وليس بجانب من الريع هو مستعد للحصول عليه للتحول إلى سفيق على شاشات التلفزيون لينال الرضى. قالت أميرة بوراوي، إن حلم الدولة الديمقراطية وهزيمة 2008 التي تعاملت مع الشعب كمسلوب للإرادة كانت دائماً من أهم نقاشاتنا بأشكال مختلفة، وبشكل مكثف في الأشهر الأخيرة التي ازداد فيها مرض الرئيس ومعه الحديث عن عهدة رابعة، وتذكر من الأصدقاء “صبرينة زواوي الحقوقية، والمدون سيد علي قويدري والصحفي جعفر خلوفي” الذين كانوا أول الوجوه الخارجة للشارع منذ أسبوعين، أي قبل تجمع الجامعة المركزية السبت الماضي، يوم كان أول تحويل لها إلى مركز الشرطة، لتكون لاحقا أول وجه يتم توقيفه في كل التجمعات الثلاثة الماضية، بابتسامة عميقة تقول الدكتورة أميرة إنها تعودت على المشهد، وإنها عندما تشعر أنها بدأت تفقد قوتها بين أيدي أعوان الشرطة تتمسك بالعلم الوطني وتستسلم لسيناريو باتت تعرفه، لكن تتوقف أميرة بكثير من الأسى عند الثلاثاء الماضي “لم أكن أعرف أنهم سيأخذونني إلى مركز الشرطة، فلقد فكرت بأنني ذاهبة إلى المجلس الدستوري لتسليم ورقة وبعدها أعود إلى البيت، عندما أخذوني إلى مركز الشرطة رحت أستجدي الجميع إطلاق سراحي، لأنه الثلاثاء وطفليّ يخرجان من المدرسة عند منتصف النهار ولم أعمل حسابي على من يقلهما إلى البيت”، أتذكر كيف تم توقيف أميرة في ذلك اليوم كنت أقف بقربها عندما توقفت سيارة رباعية الدفع رمادية اللون لا تحمل أي علامة تشير إلى أنها تابعة للشرطة وتحلق أعوان الشرطة حولها ولم يكن يظهر منها إلا يدها والعلم الوطني ودفعت نحو السيارة صحبة شرطيتين أمام الباب الرئيسي للمجلس الدستوري، تقول أميرة عن الباقي “وجدت نفسي في مركز الشرطة وتوسلاتي لا تجدي نفعاً لأذهب لطفليّ وقتها بكيت بحرقة”.

سيداتي أنتن قاعدة المجتمع والوطنية

على قسوة تلك اللحظة التي كسرت فيها أميرة الأم ظهر أميرة المناضلة، تقول “للأمانة لما بكيت بمركز الشرطة لم أكن وحيدة، بكت معي الشرطية التي كانت تداوم، هذه هي المرأة الجزائرية دائماً مزيج من القوة والعاطفة”، لذلك تقول الدكتورة أميرة “في هذا اليوم أناشد كل جزائرية، أن لا تتخلى عن دورها في بناء المجتمع، لأنها هي القاعدة الحقيقية للمجتمع وللوطنية التي لا تورث للأجيال إلا الأم”، وتضيف أميرة مازحة “لا يجب أن نتوقف عند خطاب المساواة بين الرجل والمرأة بالشكل التقليدي، لأن الرجل هو الذي عليه أن يسعى لذلك، لأن المرأة الجزائرية، تقوم بواجبات من الصعب أن توفيها أي كانت، فهي المسؤولة غالبا عن كل تفاصيل البيت وتربية الأبناء إلى جانب دورها في المجتمع بداية من أنها أصبحت جزءا مهما من القوة العاملة لا يمكن الاستغناء عنه”، لكل هذا تقول أميرة بوراوي اليوم لكل جزائرية - في هذه الأيام الصعبة التي خلقت فيها حركة باركات-، حسبها “لا تسمحن بأن يغتصب حق المواطنة والمستقبل الآمن من أبنائكن”... كل شيء في هذه المرأة كلماتها، تعلقها بضرورة الوعي، ضحكتها الصافية، تمسكها بالعلم الوطني كأنها تتمسك حقاً بجذورها، مقاومتها الشديدة في كل مرة لتقول رأيها جعلني أردد في داخلي -دون أن أعرف السبب- كلمات رابندراناث طاغور “أفكر بأعمار أخرى طافت فوق جدول الحياة وأصبح الحب والموت في طي النسيان، وأشعر بحرية الموت”.

  • 1993 حصلت على البكالوريا
  • 2000 حصلت على دبلوم الطب
  • 2004 ميلاد أول طفل لها
  • 2008 ميلاد طفلها الثاني

زهور شنوف

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire