حذرت من الزج بالجزائر في طريق المجهول بمناسبة الانتخابات الرئاسية .. مجموعة “من أجل إعادة التأسيس” توجه دعوة للنخب لبناء الجمهورية الثانية |
الأحد, 09 مارس 2014 19:21 |
يبدو
أن حالة الانسداد السياسي التي تعرفها الجزائر في الأشهر الأخيرة، والتي
عرّت هشاشة وضعف الطبقة السياسية التي ظلت هي المكرسة في المشهد دون أية
فعالية تذكر،
بدأت تخلق وجوه جديدة تطرح بدائل ونظرة مختلفة، فبعد مجموعة حركة “بركات”
التي اختارت الشارع للتعبير عن رفضها لاستمرار الوضع السياسي الحالي بمختلف
وجوهه بداية من رفض “العهدة الرابعة”، ها هي مجموعة من المثقفين تطلق
مبادرة “من أجل إعادة التأسيس”.
هذه
المبادة التي تحمل إمضاء مجموعة من الجامعيين والكتاب... مثل الكاتب
والجامعي عاشور فني، الكاتب أحمد دلباني، الكاتب كمال قرور، الشاعر بوزيد
حرز الله... وغيرهم، اختارت شعارا لها “من أجل إعادة التأسيس”، وتوجهت
بالدعوة خاصة إلى النخب التي دعتها إلى ضرورة التحرك “نتوجه إلى النخبة في
بلادنا وفي ذهننا هدف واضح من إجراء هذا التحليل هو بناء إجماع على الحد
الأدنى الذي يسمح بالتوصل إلى أفق ديمقراطي يجمع شريحة المثقفين لبناء رؤية
مستقبلية تضمن مكانة للنخبة في الحياة الوطنية في ظل المبادئ الكبرى
للدولة الحديثة”. وكانت المجموعة قد أرفقت دعوتها بتحليل للوضع الراهن
وتداعيات التشوه الذي أصاب تقاليد الممارسة السياسية التي عرفتها الجزائر
مع بداية الحركة الوطنية في العهد الاستعماري، حيث يؤكد التحليل أن تلك
الممارسة “عرفت في سياقات التاريخ وملابسات السلطة انحرافات عديدة زجت بها
في غياهب الفوضى والاضطراب. وفي خضم الأحداث، برزت العيوب التكوينية في
الحياة السياسية الوطنية التي توقفت عند استقلال الدولة”، هذه العيوب التي
يحملها تحليل مجموعة “من أجل إعادة التأسيس”، الانحراف الذي عرفه مسار دولة
المؤسسات والقانون بعد الاستقلال وأدى إلى حالة الانسداد التي تعرفها
البلاد اليوم.
وفي
السياق ذاته، يذهب التحليل إلى أن “الممارسة السياسية آلت بعد نصف قرن من
الاستقلال إلى نظام يقوم على نوع من التسلط الذي تمارسه أقلية إقصائية بلا
وازع أخلاقي ولا هدف وطني ولا ثقافة سياسية حديثة في غياب الشعب بفئاته
العريضة ونخبه عن الحياة السياسية”، وكان من تداعيات ذلك، حسب أصحاب
المبادرة أن “عطلت المؤسسات وأقامت سلطة الأشخاص واختزلت السياسة في ممارسة
السلطة المباشرة والإدارة اليومية لمصالح المستفيدين بغير حق من المواقع
الريعية ومن المال العام”، وفي ظل هذه الممارسات كانت النتيجة الحتمية أن
“أفرغت الديمقراطية من محتواها واختزلتها في مسلسل الانتخابات التي لا تمكن
الناخب من الاختيار ولا تسمح بالمفاضلة بين البرامج ولا الشخصيات ولا تسمح
بالتداول على السلطة وإنما تعمل على تدعيم النظام الإقصائي ومنح شرعية
انتخابية للممارسة غير الديمقراطية”، هذه الأسباب وغيرها مما عدده التحليل
أدت بتلك الممارسة لأن “أقصت الشعب ومؤسساته ونخبه وقرّبت الموالين
المستفيدين من الامتيازات الذين أصبحوا يشكلون قوة منيعة ضد الإصلاح”،
و”حولت الفعل السياسي إلى فعل استعراضي يقتصر على ظهور السياسيين الرمزي في
التجمعات الانتخابية وعلى شاشة التلفزيون وفي المحافل دون برامج تنمية ولا
اختيارات سياسية في الحياة العامة مما أعطى صورة لغياب الدولة الفادح في
القطاعات الحساسة مثل التربية والصحة والخدمات المدنية”.
هذه
النقاط وكثير غيرها، توقف عندها تحليل مجموعة “من أجل إعادة التأسيس”،
ليضع خارطة طريق لنظرة مؤسسة على تشخيص دقيق لما أسماه بـ”لحظة الانتقال
العصيبة” التي - حسبه- هي نتيجة منطقية لتلك الممارسة و”فشل مشروع الإصلاح
واستعصاء عملية التغيير وانعدام إجماع وطني على الأفق السياسي المنشود بسبب
استقواء الفئات الحاكمة ورفضها التنازل عن السلطة بالطرق السلمية مما يهدد
بالزج بالجزائر في طريق المجهول بمناسبة الانتخابات الرئاسية المقبلة
وينذر بمخاطر ليس أقلها نسف مكتسبات الدولة الجزائرية التي تحققت بفضل
تضحيات أجيال من الجزائريين”. لذلك دعت مجموعة النخبة الجزائرية للتخلي عن
انعزالها عن المشهد العام والانخراط بقوة للبناء في “لحظة تحول كبرى في
تاريخ الجزائر ينبغي أن نفهمها في سياقها التاريخي الشامل ونعي كامل
دلالاتها: لحظة الانتقال من استقلال الدولة وسيادة المؤسسات إلى حرية
المواطن وسيادته. لحظة الانتقال من دولة الاستقلال إلى دولة الحريات
الأساسية”.
زهور شنوف
|
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire