غرداية في قلب الإعصار |
الأربعاء, 19 مارس 2014 18:39 |
قال
موريس مخاطبا محند أزيري.. لقد قرأت هذا الصباح تحقيقك حول غرداية، ولفتت
انتباهي عباراتك، أن الوضع بالرغم الهدوء الذي بدأ يسود يبقى في غاية
الهشاشة، فهل في نظرك أن القضية هناك مفتعلة أم هي حقيقية؟! “قال محند
ازيري” المسألة جد معقدة،
ولا يمكن اختصار الوضع في جهة معينة، لكن تبقى مسؤولية السلطات المحلية
أكيدة وواضحة، ثم يجب أيضا وضع ما يحدث ضمن مسار طويل تمت التغطية عنه لخلق
واقع آخر مناقض تماما لخصوصية المنطقة، ومن هنا لا يمكن أن تختصر الأمور
فقط وبشكل تبسيطي في العامل المرتبط بالعهدة الرابعة، وما يحدث الآن على
الساحة، بل يمتد ذلك إلى المحاولة الجادة والطويلة الأمد في تدمير ومسخ
البعد الثقافي للمنطقة، طبعا، بالإضافة إلى المافيا المحلية والتي لها
ارتباطات بدوائر نافذة في الحكم...” قال موريس، “لقد قرأت أن التيار السلفي
انخرط في عملية زعزعة الوضع فهل هذا صحيح؟!” قال محند أزيري “وهذا ما أقصد
به بالمحاولة المدروسة للقضاء على الخصوصية الثقافية بالمنطقة، وهذا
التيار يجد كل الدعم من الوهابية، والدليل على ذلك، أن الأحداث عرفت
انفجارا بعد تحقيق في قناة إقرأ الممولة من الوهابية السعودية شددت فيه على
أن الإباضيين هم خوارج ومعادون للإسلام الصحيح.. وذلك ما جعل من السكان
المتواجدين بغرداية يهاجمون ممتلكات الإباضيين وينادون بحرقهم وقتلهم.. قال
مارتيناز “أنا زرت غرداية منذ سنوات، ولم أكن يوما أتصور أن هذه المنطقة
السياحية والمسالمة تتحول إلى بؤرة للصراع.. لكن اليوم لم أعد أفهم بشكل
دقيق ما يحدث، فالتغطيات الإعلامية لا تتصف بالموضوعية، ولا تعطي الكلمة
للمتصارعين بشكل واضح ودقيق، في رأيك هل يندرج ذلك ضمن عملية مدروسة
وواعية؟!” قال محند ازيري “في الحقيقة لا أتصور أن ذلك يندرج ضمن خطة
مدروسة، وأنا في الحقيقة لا أميل إلى نظرية المؤامرة.. لكن ما هو واضح في
نظري، أن مسؤولية السلطة واضحة فيما يتعلق بالاعتداء على الخصوصية
العمرانية والثقافية للمنطقة، ثم أيضا هذه اللامبالاة التي ميزت تصرفات
السلطة المحلية وقوات الأمن.. الإباضيون معروفون بجنوحهم نحو السلم، وهم
ينبذون بطبعهم ممارسة العنف.. كما أن الصورة المنمطة عن الإباضيين هي من
نتاج آلة النظام الإيديولوجية والثقافية، بحيث ظل يقدمون في المخيال غير
الإباضي على أنهم غير مسلمين حقيقة، وهذا ينطبق كذلك على كل المناطق، منها
المنطقة القبائلية التي ظلت محافظة على خصوصيتها الثقافية.. فالحكم الذي
ورثته الجزائر بعد الإستقلال لم يتخلص من النظرة الكولونيالية التي كانت
سائدة في مسألة إدارة الشأن العام.. وهذه النظرة كانت أحادية وتخضع للنزعة
اليعقوبية التي تؤله عبارة السلطة المركزية والتي نتج عنها ثقافة الاحتقار
لكل ما هو خارج نطاقها الإيديولوجي والثقافي والسياسي..” تدخل حسن واعلي
مؤكدا أقوال محند ازيري قائلا “لقد سبق لي أن قمت بروبرتاج حول منطقة
غرداية في بداية الأحداث، وصدمني لأول وهلة إقامة مسجد ضخم متناف تماما
والنسيج العمراني، وكأنه تم بناؤه أساسا لنقض الثقافة المحلية، فهل يمكن
القول إن ذلك تم بصورة عفوية؟! لا أظن أن ذلك تم بصورة عفوية، وإنما كان
يعبر ليس فقط عن إرادة واعية في تشويه الخصوصية الثقافية، بل يعبّر عن
إرادة استئصال للأصول الثقافية.. وبينما كانوا غارقين في الحديث مر بالقرب
منهم الكاتب وعالم الاجتماع جابو رفقة أحد نشاء حركات بركات وهو شاب لا
يتجاوز الخامسة والشعرين، أشار له حسن واعلي بيده ثم علق حسن واعلي مخاطبا
مارتيناز وموريس، “إنه عبد الناصر جابو، من ألمع المثقفين وعلماء الاجتماع
في الجزائر” وعندئذ علق موريس، “إذن، هذا هو عبد الناصر جابو، لقد قرأت له
منذ أيام حوارا مفيدا في جريدة لوموند..” وأضاف “يهمني أن التقيه” وهنا
تدخل محند ازيري سائلا موريس “هل لي أن أفهم الموقف الفرنسي، مما يحدث
بالجزائر؟! وأضاف مكملا تساؤله “هناك انطباع أولي أن فرنسا الرسمية تقف إلى
جانب العهدة الرابعة، لرئيس غير قادر على الحركة، وغير قادر على
التفكير...
قصة خيالية سياسية بقلم: احميدة عياشي
|
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire