من داخل النظام أم من الخارج أم بالأسلوبين معا.. أي طريق للتغيير في الجزائر؟ |
السبت, 29 مارس 2014 19:46 |
نظم
فضاء “بلاصتي” بجريدة “الجزائر نيوز”، أول أمس، ندوة حول التغيير
والانتقال الديمقراطي في الجزائر بعنوان “أي طريق سلمي للانتقال
الديمقراطي؟ تغيير النظام يكون من الداخل أم من الخارج أو بالأسلوبين
معا؟”.
وشارك في الندوة الكاتب والمحلل السياسي أحمد عظيمي، إلى جانب رئيس حزب
الحركة من أجل الجمهورية رابح بوستة، وأدار الندوة لزهاري لبتر.
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أحمد عظيمي: النظام قضى على كل شيء اسمه نخبة
اعتبر
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أحمد عظيمي أن التغيير يكون من النخبة،
إلا أنه “مع الأسف، النظام الجزائري، خلال 15 سنة الأخيرة، قضى على كل شيء
إسمه نخبة”، معربا أنه من حسن الحظ ،اليوم، ظهرت قنوات يبرز فيها أشخاص
يجيدون الكلام والتحليل، عكس ما كان عليه الأمر في السابق، عندما لم يكن
يسمح لمن يعارض النظام أن يتكلم في التلفزيون، حيث كما يقال بالعامية
“يطفيو عليه الضو”، وبالتالي لا توجد نخبة يمكنها أن تقود التغيير.
كما
اعتبر عظيمي أن الفساد اليوم مستشر في كل المؤسسات والقطاعات، وأعطى مثالا
في هذا السياق قائلا: “منذ أسبوعين التقيت بدكتور في العلوم السياسية يظهر
باستمرار في وسائل الإعلام وله كتابات عديدة في الصحف، سألته: كيف أنك
دكتور وتدافع عن هذا النظام وعن رجل مريض وتقول أنه يستطيع في حالته الصحية
الراهنة أن يحل مشاكل الجزائر؟ فأجابني: لا يهمني، من يعطيني منصبا أمشي
معه”، مضيفا “لما تصبح النخبة تفكر هكذا فإننا نفقد أي أمل فيها لتقود
التغيير في الجزائر”.
وأضاف
الكاتب والمحلل السياسي أنه يمكن، من خلال مرحلة انتقالية، أن تكون شخصية
نظيفة قوية تقود التغيير فيتبعها الشعب، مستدلا في ذلك بأمثلة من تاريخ
الجزائر، على غرار الأمير عبد القادر، وخلال الحركة الوطنية مع مصالي
الحاج، وحتى في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، رغم الاعتراض على بعض
سياساته، “إلا أنه كان هناك رجل يقود عملية بناء الوطن”.
وذكر
المتحدث بأنه “عندما بدأت الفوضى في بعض البلدان العربية، قمنا بندوة بمقر
جريدة الشعب حول التغيير في الجزائر، وقلت حينها مخاطبا المسؤولين: إذا لم
تغيروا بأنفسكم فسوف يغيرونكم، وعنونتها جريدة الوطن بالبنط العريض، لأن
النظام سيجد نفسه تحت الضغط الخارجي، من خلال الأحداث التي تجري في المنطقة
العربية، فكنا نعتقد أنه سيجد نفسه مضطرا ليقوم بالتغيير، وأعطيت في
مداخلتي ما يجب فعله”، مضيفا “بعد ثلاثة أشهر، ألقى الرئيس خطابا وأعلن عن
التغيير وأنه سيقوم بإصلاحات سياسية، وفي اليوم الموالي تلقيت اتصالا
لاستفساري حول هذه الإصلاحات، وقلت بأن ما أعلن عنه الرئيس ليس ما هو
منتظر، كنا ننتظر أشياء أخرى، أن يحل البرلمان على الأقل، وأن يجري
انتخابات تشريعية مسبقة، ويعلن عن تشكيل لجنة تعمل على تعديل الدستور،
وإجراء انتخابات رئاسية مسبقة ليسلم المشعل لجيل الاستقلال”. ووصف هذا
الأخير بـ«على الأقل من ولدوا بعد 1962، لأننا لا نطمع أن يكون شخص عمره 30 أو 40 سنة في الحكم”.
“هذه هي الشروط التي يجب أن تتوفر في من يقود التغيير”
وعبر
أحمد عظيمي عن رأيه في الانتخابات الرئاسية المقبلة أنه لا ينتظر في هذه
المرحلة “أن تكون انتخابات نظيفة ونزيهة تفرز لنا رئيسا نختاره نحن، لا بأس
نتنازل عن هذا الحق، اختاروا لنا أنتم - في إشارة إلى المسؤولين- ولكن على
الأقل اختاروا لنا رجلا يستطيع أن يخدم الجزائر، وأن يفهم ويناقش ويعاقب
ويقابل رؤساء الدول والحكومات ويتكلم معهم ويكون في مستواهم”، معتبرا أن
هذه هي الشروط التي يجب أن تتوفر في هذه الشخصية، متصورا أن أي شخصية معينة
تصل إلى الحكم تتوفر فيها شروط النظافة والنزاهة ويكون مثقفا وجامعيا هو
من يستطيع أن يقود التغيير في الجزائر، لأن أي تغيير قد يأتي من الشارع -
حسبه- يمكن أن ينحرف ويتجه إلى أخطار عديدة كما هو الحال في البلدان
العربية التي عرفت حراكا شعبيا.
وشدد
العقيد السابق في الجيش على أن من يصل إلى الرئاسة، عن طريق الانتخابات،
يجب عليه أن يحيط نفسه بنخبة من المختصين والمتعلمين والدكاترة، وأن يضم
إليه أصحاب الكفاءات المتنوعة على اختلاف توجهاتهم السياسية، المهم أن تكون
لديهم الكفاءة ويكونوا قادرين أن يخدموا الجزائر، وذلك من أعلى هرم السلطة
إلى أصغر بلدية في الجزائر. كما أشار إلى ضرورة خلق هيئة من كل التوجهات
والحساسيات السياسية، مدة شهر أو شهرين، تناقش الوضع السياسي في البلاد،
وتضع لنا دستورا يضعه الشعب الجزائري، لا السلطة، حتى يمكن له أن يدوم، على
أن يأخذ بعين الاعتبار كل الحساسيات وكل الأطياف والمكونات للجمهورية
الجزائرية. وبعد وضع الدستور يتم إجراء انتخابات تشريعية مسبقة، وفتح قنوات
للنقاش السياسي بين بعضنا البعض، عن طريق وسائل الإعلام، مما يسمح للرأي
العام بمعرفة الكفاءات الموجودة، “وبهذه الخطوات - يقول عظيمي- يمكن إجراء
مرحلة انتقالية تكون مدتها خمس سنوات”، معتبرا أن هذا هو الحل الذي يراه
مناسبا، ولا يرى حلا آخر.
وفي
نفس السياق، اعتبر أحمد عظيمي أن المترشح علي بن فليس هو الوحيد، من بين
المترشحين الستة، الذي يضم في برنامجه هذه الأمور والأفكار، مؤكدا أنه “إذا
كانت الانتخابات نصف نزيهة -على حد تعبيره- سيفوز بن فليس”، مشددا على أنه
ليس الأفضل في الجزائر، ولكنه الأفضل بين المترشحين الستة.
كما
أشاد المتحدث بالتقارب بين الإسلاميين والديمقراطيين، معتبرا “أنه شيء
إيجابي، لم نكن نراه قبل 20 سنة، فعندما نتطور في فكرنا ونقبل بعضنا البعض،
دون إقصاء، يمكن لنا أن نسير إلى الأمام، لأن البلاد تسير إلى الهاوية”.
“بوتفليقة لم يقم بالتغيير وهو في صحة جيدة”
من
جهة أخرى، انتقد الدكتور أحمد عظيمي تصريحات المنشطين للحملة الانتخابية
للرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة بأنه سيسلم المشعل، في حالة فوزه،
ويقوم بالتغيير، قائلا “عندما كان في صحة جيدة وبكامل قواه العقلية
والجسدية لم يقم بالتغيير الذي كنا نحلم به”، رافضا أن يكون بوتفليقة هو من
أعاد الأمن والاستقرار إلى الجزائر “أقول وأعيد إنه في 1999 كان الإرهاب
قد انتهى، كنت في الناحية العسكرية الثانية، وكنا نعلم عدد الإرهابيين
المتبقين، وبالتالي عندما جاء بوتفليقة كان الأمن قد استتب بفضل التضحيات،
وعليه كنا نعتقد أن الجزائر ستدخل مرحلة جديدة، فكانت فرصة ذهبية لإحداث
التغيير، لكن للأسف - يضيف- هذا الشيء لم يحدث، بل بالعكس ما نراه اليوم من
فساد لم يسبق أن رأيناه من قبل”.
وأضاف
المحلل السياسي أنه من الجانب الاجتماعي “سمعت المدير العام للأمن الوطني
يقول إن الشرطة سجلت 9000 حالة تدخل سنة 2013 لفك نزاعات بين المواطنين،
وبالتالي فإن البلد غير مستقر، وهذا بالإضافة إلى التهديدات الأمنية على
الحدود”، واعتبر أن السلطة مسؤولة عن ذلك، بسبب تراخيها خلال الحرب في
ليبيا، والاضطرابات في شمال مالي، رغم التحذيرات التي أطلقها رفقة عدد من
المراقبين منذ 2008، حيث أكد أن هذه الأمور يلزمها رئيس قوي ومؤسسات قوية
وسلطة قوية تكون مهمتها ليس الحفاظ على السلطة، وإنما خدمة البلاد، بحيث
تضع إستراتيجية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، غير أن “هذه الأمور
لم تحدث والرئيس في صحة جيدة، فلا أتصور أن يقوم بها وهو مريض”، مؤكدا أنه
إذا انتخب بوتفليقة لعهدة رابعة فالجزائر ستسير بخطوات كبيرة نحو أخطار
عديدة.
رئيس حزب الحركة من أجل الجمهورية رابح بوستة: باستثناء الأحزاب التي ظهرت بعد الاستقلال لا توجد معارضة في الجزائر
اعتبر
رئيس حزب الحركة من أجل الجمهورية رابح بوستة، أنه لكي نفهم الوضع السياسي
في الجزائر يجب فهم الأحزاب السياسية الموجودة، التي قسمها إلى ثلاثة
أقسام: أحزاب كان لها وجود بعد الاستقلال، وأحزاب كان لها وجود بعد أحداث
أكتوبر 1988، وأحزاب ظهرت بعد الربيع العربي.
وقال
بوستة إنه “حسب ما نشاهده في الساحة السياسية، فإنه باستثناء الأحزاب التي
ظهرت بعد الاستقلال لا توجد معارضة في الجزائر”، لأن كل الأحزاب الأخرى
-حسبه- تطبق خارطة الطريق، فواحد يلعب دور معارض، وآخر في السلطة، وهكذا.
لكن الأحزاب السياسية الموجودة منذ الاستقلال عرفت تطورا، ومع الوقت وصل
بعض أعضائها إلى السلطة، غير أن هذه الأحزاب، شأنها شأن الأحزاب الأخرى،
عرفت نفس الإشكال، وهو إقصاء الإطارات والكفاءات، “فكل المناضلين السياسيين
الذين لديهم كفاءة ومسار نضالي ورؤية سياسية هم اليوم خارج الهياكل
السياسية، حيث نجد كل الأحزاب التي تنادي بالبديل السياسي كل إطاراتها خارج
القواعد”.
وعاد
القيادي السابق في التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى المظاهرات التي
قام بها الأرسيدي في 2011 من أجل التغيير على هامش الثورات العربية،
متسائلا “لماذا لم تنجح هذه المظاهرات؟”، مشيرا إلى أحداث جانفي 2011
(الزيت والسكر)، التي سبقت دعوة الأرسيدي للتظاهر، حيث اعتبر أن هذه
الأحداث “كانت عفوية وعلى المستوى الوطني”. وأضاف، في هذا السياق، “لا أعرف
قوة في الجزائر استطاعت إخراج الشعب الجزائري في كل ربوع الوطن، وفي نفس
الوقت، باستثناء الفيس، ورأينا أنه لم يكن وراء هذه الأحداث، فكان لي تدخل
في المجلس الوطني للأرسيدي، حيث قلت إنه إذا كنا على علم أن هذه المظاهرات
وراءها السلطة، فإن الهدف منها هو امتصاص الغضب الشعبي واحتواء الحركة”.
وأشار إلى أنه، بعد تلك الأحداث، كانت كل الإطارات في الحزب قد أقصيت،
وبالتالي لم يكن يوجد من يجند المواطنين من أجل التظاهر للتغيير.
وتطرق
رئيس حزب الحركة من أجل الجمهورية إلى موضوع التغيير من نظرة أخرى، كمناضل
من أجل بديل ديمقراطي، وأوضح أنه خرج من الأرسيدي سنة 2013، حيث “أسسنا
التنسيقية الوطنية من أجل مؤتمر استثنائي، وفي هذه الحالة بدأت ألتقي بكل
إطارات الحزب التي تم إقصاؤها”. واستشهد المتحدث بمقولة قالها له الرئيس
السابق للأرسيدي “سعيد سعدي كان محقا عندما قال لي لن يكون هناك أي بديل
سياسي في الأرسيدي، لأن الإطارات الموجودة خارج الحزب لن يقبل الموجودون
داخله بعودتها، لأن كل واحد يقول أنا أو لا أحد. من هنا -يضيف- كانت لدي
المبادرة لتوحيد مناضلي الحزب، وبعد سنة تحملنا المسؤولية كمناضلين من
مختلف الولايات، وأسسنا الحركة من أجل الجمهورية، حتى لا نفقد الأمل في أن
تسير القاطرة نحو البديل الديمقراطي”.
“لا يوجد شخصية قادرة على جمع الشعب الجزائري وراءها”
أوضح
رابح بوستة وأنه في انتظار كل هذا، لا يمكن المكوث في البيوت في انتظار
خروج ثورة أو مجيء شخص يطلق نداء ليتبعه الشعب، مشيرا إلى أنه لا يوجد في
المشهد السياسي الجزائري الحالي شخصية قادرة على جمع الشعب الجزائري
وراءها.
وأكد
بوستة أنه لا يعتقد أن المترشح علي بن فليس مرشح التغيير، كما يعتقد
الكثيرون، “فهو (بن فليس) مقتنع أنه أرنب مثل باقي المترشحين، ولكنه ملزم
بلعب الدور، وإلا كانت مرحلة ما بعد بوتفليقة مهددة، بالنسبة لي كل
المترشحين يعرفون أنهم أرانب”. وأشار إلى أن الدليل على كلامه أنه ولا
جزائري يستطيع أن يترشح للانتخابات، لأن القانون يلزم المترشحين بجمع 60
ألف توقيع من 25 ولاية على الأقل، معتبرا أن المترشح الوحيد الذي استطاع أن
يجمع هكذا توقيعات من الجماهير هو حسين آيت أحمد سنة 1999.
وليد.غ
|
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire