التعريف :
لما كان علم النفس بتعريفاته المختلفة يشمل مفاهيم معرفة وتحليل النفسية الانسانية وفهم سلوكياتها ويحدد مستويات القيم والمبادىء والإدراكات على صعيد الأفعال التي يقوم بها الإنسان في مراحل نموه المختلفة تجاه نفسه أو المجموعات المحيطة به لتكون مقاييس ومعايير عامة للصحة النفسية.
ولما قام العلماء والمتخصصون منذ أكثر من مائة عام على وضع تلك الأسس وقاموا بتأسيس مدارس وبرهنوا على نظريات كثيرة تشابهت واختلفت لكنها كانت ضمن إطار واحد تسعى إليه و هو الوصول بالانسان الى مرحلة التكامل النفسي لذاته ولمحيطه بما يحقق السعادة ويعالج أمراضاً او اضطرابات أو سوء تكييف من خلال أدوات العلاج والارشاد وتقنيات اكتساب المهارات المختلفة.
ولما كانت الأديان عامة تعنى بالإنسان كفرد وكجماعة وتسعى الى التكامل الأخلاقي والقيمي للوصول به الى النجاة والسعادة.
ولما كان الاسلام كدين وعقيدة قد أحاط بالمفاهيم الأساسية والفلسفية التي تجمع عليها الأغلبية الساحقة من الأديان والعقائد ووضع تشريعات وقوانين وطرق عملية تؤدي بالإنسان الى التفاهم مع ذاته ومعرفة نفسه بأهدافها وغاياتها وتفاعلها مع الأشكال الاجتماعية المحيطة بها تفاعلاً ايجابياً بناءاً ومستداماً.
وبما ان علم النفس أساساً هو العلم الذي يتبع أساليب وطرائق القياس والتقويم في بداياته ليصل الى نتائج تجريبية تم اثبات صحتها على المستوى الرياضي والفيزيائي والطبي من خلال الملاحظة والتجريب والاختبارات المختلفة.
وبما ان الحضارة الاسلامية التي اتخذت الأسلوب والمنهج العقلي في بنيانها من خلال نظريات وتشريعات علمائها ومنظريها من سلفها الصالح الى خلفها الطامح قد نجحت في رسم طريق واضح لمجموعة القيم الأخلاقية على الصعيد النفسي والجسدي الفردي والجماعي وعلى مستوى النظرية والتطبيق ( وإن تفاوت مستوى التطبيق على مدى التاريخ بسبب الأحوال البشرية وتغيراتها ).
وبما ان الرسول الكريم محمّد صلّى الله عليه وسلّم خاتم الأنبياء والرسل هو خير من وضح العلاقة بين النفس والجسد وفسّر طرق التكامل الأخلاقي الانساني ووضع أسساً ومفاهيم أثبتت صحتها على مدى الزمن.
فإنه كان لزاماً على علماء النفس المسلمين التزاماً دينياً و أخلاقياً و قيميّاً أن يقوموا بتأطير وتنظيم وتحديد (وفقاً لما اكتسبوه من علم وخبرة نظرية وميدانية) المبادىء والتقنيات النفسية الانسانية بشكل يؤدي الى استفادة البشرية من علم صحيح قائم على تشريع غير دنيوي (محدود الفهم و التفسير و مرتبط بوقائع و أحداث محددة ومخصوصة و غير شاملة) يفسر الأفاعيل البشرية ويحدد مستويات صحتها ويعالج أمراضها واضطراباتها , فكيف هم ينتمون لعقيدة آمنوا أنها ليست واردة من بشر بل هي قائمة بالأساس على أن الله عزّوجل قد شرّع لنا شريعة مبنيّة على أسس متكاملة الخصائص و الأركان و هي شاملة و ممكنة في كل زمان و مكان تحمل في طياتها شمولية الحقيقة واستيفاء الأركان.
إن علم النفس هو علم الانسان هذا المخلوق الوحيد في العالم الذي يفكّر و يفهم و يدرك و يعقل و يميز كل الغرائز الجسدية (التي يتشارك بها مع مخلوقات أخرى) ليحولها الى دوافع بشرية المبنى و إنسانية الهدف.
هذه دعوة إلى كل من يرغب أن يأخذ دوره العلمي في الحياة فقد تحولت أدوارنا العلمية الى مجرد مرددين لنظريات و فلسفات قام الآخرون بتقديمها إلينا وفقاً لمعتقداتهم و وضعوا غطاء العلم المقدّس ليتوهم الجميع أن لا نظريات أو فلسفات أو مهارات أو حتى إمكانيات لتغيير هذه المفاهيم.
نحن جميعاً نمتلك المقدرة العلمية و المهارية لنؤدي رسالتنا الدينية والدنيوية و نكون ممن قاموا بعمل صالح من خلال علم نافع ينتفع به.
د . إحسان الرفاعي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire